الأحد، 26 نوفمبر 2017

"نيويورك تايمز" تكشف سبب استهداف الإرهابيين للصوفية

التصوف هو شكل باطني من الإسلام، وهي مدرسة من الممارسات التي تهتم بالبحث الداخلي عن الله وتجاهل المادية. وأنتج التصوف بعض أشكال الأدب الأكثر شعبية في العالم، مثل قصائد الحب في القرن 13، وأتباع الصوفية في العصر الحديث يعتزون بالتسامح، والصفات المفقودة في كثير من الأديان، حسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
لكن الصوفية تعرضت لهجوم عنيف في السنوات الأخيرة، آخرها الهجوم العنيف الذي يعد من أفظع الهجمات في العالم، والذي وقع أمس، عندما اقتحم إرهابيون مسجد صوفي في منطقة بئر العبد في شمال سيماء، مما أسفر عن مصرع ما لا يقل عن 235 شهيدًا، وجاء الهجوم بعد عدة اعتداءات على الأضرحة الصوفية في باكستان خلال العام الماضي قام بها المتطرفون.
وتهتم الصوفية الإسلامية بالتأمل والروحية والتقارب مع الله، ولكن يساء فهمها أحيانا على أنها طائفة من الإسلام، بل هي في الواقع أسلوب أوسع من العبادة التي تتجاوز الطوائف، حيث يوجه المتصوفون اهتمامهم بالجوهر، وتركز الممارسة الصوفية على التخلي عن الأشياء الدنيوية، وتنقية الروح والتأمل الصوفي لطبيعة الله، ويحاول المتصوفة الاقتراب من الله من خلال السعي إلى التعلم الروحي المعروف باسم "الطريقة".
والالتباس حول التصوف أمر شائع، حتى بين المسلمين، وفقا للإمام فيصل عبد الرؤوف، وهو رجل دين صوفي كويتي- أمريكي ألقى الكثير من الخطب في مدينة "نيويورك" لسنوات عديدة، وأسس مبادرة "قرطبة" التي تعزز صورة معتدلة للإسلام في الغرب.
وقال الإمام فيصل، في مكالمة هاتفية مع صحيفة "نيويورك تايمز": "الصوفية ليست أكثر من البعد الروحي للإسلام، إنها الإسلام، ولكننا نركز على التأمل، والتي تمكن المسلم من فتح قلبه"، وأضاف أن الأساطير التي يمتلكها الناس عن الصوفية هي مماثلة للأساطير التي يمتلكها الناس عن المسلمين.
لفترة من الزمن، ابتداء من القرن 12، كان التصوف الدعامة الأساسية للنظام الاجتماعي للحضارة الإسلامية، ومنذ ذلك الوقت انتشر في جميع أنحاء العالم الإسلامي والصين وغرب أفريقيا والولايات المتحدة.
ويصف ألكسندر كنيش، أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة "ميتشيجان" الأمريكية، وخبير الصوفية الحديثة، بأنها "حركة واسعة جدا وليس لها شكل معين، يمارسها كلا من السنية والشيعية"، وفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وقال كنيش، إن في العصر الحديث، النظرة السائدة للإسلام الصوفي هي الحب والسلام والتسامح، مما أدى إلى أن هذا النمط من العبادة أصبح مرادفا للإسلام.
وعن أسباب استهداف المتطرفين والإرهبيين للطرق الصوفية، تقول "نيويورك تايمز" إن بعض المسلمين ينظرون إلى الصوفية على أنها غريبة الأطوار، وبعض المتعصبين والمتطرفين يرون التصوف على أنه تهديد، وأن أتباعه زنادقة أومرتدين.
وهاجم مسلحون ينتمون إلى تنظيم "داعش" الإرهابي، فبراير الماضي، المصلين في قبر أحد الفلاسفة الصوفيين في جزء نائي من جنوب باكستان، مما أسفر عن مقتل أكثر من 80 شخصا وصفهم الإرهابيون بأنهم "مشركون".
ويستهدف "داعش" الصوفيين لأنه يعتقد أن الشكل الوحيد الصحيح للإسلام هو السني المتعصب.
ويرى بعض المتطرفين أن تقديس الأولياء، وهو أمر شائع في الإسلام الشيعي، شكلا من أشكال الوثنية، لأنه في نظرهم يظهر الإخلاص إلى شيء آخر غير عبادة إله واحد. ويعتبرون أن الصوفية مرتدون، لأن الأولياء لم يكونوا جزءا من الممارسة الأصلية للإسلام في وقت سيدنا محمد.
وقال كنيش: "إن معارضي الصوفية يرون الأضرحة وأصحابها كأوثان، وجودهم وعبادتهم ينتهك المبدأ الرئيسي للإسلام، وهو تفرد الله وتفرد موضوع العبادة".
وعلى الرغم من أن المتشددين السنة ينظرون منذ فترة طويلة إلى الصوفية والشيعة كهرطقة، إلا أن شبكات إرهابية مثل تنظيم "القاعدة" و"داعش" ناقشت ما إذا كان قتلهم مبررا.
وأعلنت جماعة موالية لتنظيم "داعش" تدعى "ولاية سيناء" أنها قتلت أحد أكبر مشايخ الصوفية، سليمان أبو حراز، الذي يبلغ من العمر 100 عام.
وأوضح السيد ألكسندر كنيش أن الإرهابيين يعتقدون أن المجتمع يتحرك في الاتجاه الخاطئ، وأضاف "إن أسباب استهداف المتصوفين سياسية الى حد بعيد، ويقول المتطرفون إنه إذا دعم الصوفية السياسة الحالية، سنكون ضدهم".
وقال الإمام فيصل إن الهجمات على الصوفية، إلى جانب كونها خطيئة كبرى، هي نتيجة لتسييس الدين في المنطقة على مدى العقود القليلة الماضية.


0 التعليقات

إرسال تعليق